top of page

الرسالة

بناء على ما سبق ، فقد كان هذا المشروع معنيا بتسليط الضوئ على نوعين من الجسور الرمزية : أولهما ، الجسور الممتدة بين مختلف مجالات الإبداع ، وثانيهما دعم الصلات الثقافية بين أوروبا ومصر في نطاق الإبداع والإبتكار، كما جسدتها روح الجوائز الأوروبية الممنوحة للجهود الإبداعية المصرية المتميزة ولقد استهدفت هذه الرسالة بالدرجة الأولى الطلاب وأعضاء هيئة التدريس في كليات العمارة والفنونوالآداب والسينما بمصر ، والبالغ عددهم نحو ثلاثين ألف حسب التقديرات الإحصائية المتاحة . فعندما يتعرف الطلاب على تفاصيل وخلفيات الأعمال الإبداعية البارزة في مجالات دراستهم ، وكذلك العلاقات المتبادلة بينها وبين التخصصات الأخرى، فسوف يكون هذا داعما رئيسيا لتحفيز وتنمية قدراتهم الإبداعية في المستقبل. وبالمثل فمن الممكن أن يتيح هذا لأعضاء الهيئات التدريسية بتلك الكليات تبني مناهج وأساليب تربوية غير تقليدية لدعم وتشجيع الإبداع بين الطلاب,

من ناحية أخرى، يعيش نحو مائتي ألف من المهنيين المتخصصين في المجالات المشار اليها بمصر . ومما لا شك فيه انهم سوف يتطلعون الى تحقيق مستويات ابداعية أعلى في اعمالهم ، مهتدين في ذلك بخطى أمثال هؤلاء من الرموز والرواد. ان الاتصال بالمؤسسات الأوروبية المانحة للجوائز المرموقة والبرامج المشتركة قادر على ان يفتح المزيد من الطرق أمام الطلاب والمهنيين وأعضاء هيئات التدريس للتعاون نحو تحقيق شراكات تنموية متميزة على مستوى الأفراد والمؤسسات.

وأبدا لم يكن الهدف متوقفا عند حدود المؤسسات الثقافية ومنظمات المجتمع المدني في القاهرة والاسكندرية فحسب ( حوالي 12.5 مليون نسمة ) ، بل كان المأمول أيضا وصولها الى الجمهور المعني في جميع أنحاء مصر ودول الإتحاد الأوروبي على قدم المساواة، كونه شأن اهتمام مشترك. لذلك كان نشر نتاج هذا المشروع على الشبكة الدولية للمعلومات ضرورة حتمية ، بحيث تصل أصداؤه الى كافة المجتمعات الثقافية والأطراف المهتمة في مصر وأوروبا ودول العالم قاطبة.

باختصار شديد، لقد أفاد هذا المنظور الشامل للإبداع الذي تبناه المشروع أعداد كبيرة ، ومن المأمول أن تستفيد منه أعداد  أكبر في قادم الأيام، لا سيما مد جسور التواصل مع المجتمعات الأوروبية لترسيخ دعائم الإبداع في اطار تعدد المجالات وتنوع الثقافات.

الأعمال

ولتحقيق الهدف المشار اليه ، فقد عقدت أربع ندوات وأربعة معارض لدراسة العلاقة الابداعية بين الأدب والفن والسينما والعمارة. كان المقصود في المقام الأول تسليط الضوء على احدى الجوائز الأوروبية التي منحت لشخصية مصرية مبدعة في المجال المختار لموضوع كل حدث. وقد تم توثيق مخرجات هذه الأحداث في اطار هذا الكتاب وفيلم تسجيلي والموقع المنشور على شبكة المعلومات الدولية.

www.dayrafoundation.com

كانت الندوة الأولى حول التأثيرات المتبادلة بين السينما والعمارة، مع الاشارة الى أعمال المخرج السينمائي الشهير شادي عبد السلام صاحب الخلفية الدراسية والمهنية المعمارية. لقد حظي شادي بالكثير من الجوائزمنها على سبيل المثال جائزة أسد سان مارك من مهرجان البندقية السينمائي عام 1970، والجائزة الثانية من ليبزج 1970 ، وكذلك جائزة الفيلم الذهبي من مهرجان فلادوليدا في اسبانيا عام 1971، والجائزة الخاصة  لمسيرة حياته الإبداعية من مهرجان السينما الافريقية في ايطاليا عام 1982، فضلا عن الكثير من الجوائز المصرية والعربية المرموقة.

وقد عقدت هذه الندوة في مركز المؤتمرات بمكتبة الإسكندرية في السابع عشر من أبريل 2010 ، حيث ألقى الدكتور اسماعيل سراج الدين مدير المكتبة والذي تقلد العديد من المناصب الدولية الرفيعة محاضرة مثيرة للاهتمام حول هذا التأثير المتبادل من خلال تناول عميق ورؤية موسوعية متفردة. في حين ألقى الفنان صلاح مرعي الضوء على تجربة شادي عبد السلام السينمائية في وقت لاحق ، كونه الأستاذ البارز في المعهد العالي للسينما ، ومصمم المناظر والمخرج الذي عمل بشكل وثيق مع شادي ، بجانب حصوله هو أيضا على العديد من الجوائز.

وعلى صعيد ذي صلة ، فقد كانت مشاركة المستشار الأول السيد أنطونيو كريا- رئيس قطاع التنمية الإجتماعية والريفية بمفوضية الإتحاد الأوروبي في مصر، وكذلك عدد من أعضاء مكتب المفوضية بالقاهرة تجسيدا حيا لفكرة الشراكة المصرية الأوروبية التي يتبناها المشروع. كما كانت اشارة الدكتور سراج الدين بليغة في وصف اعجابه بالوعي الجماهير الذي عبر عنه حضور أكثر من 1000 مشارك ملؤوا القاعة الكبرى عن آخرها، والذين سجلوا بدورهم الإعجاب الشديد بالتنظيم المتميز والمحتوى الفكري الراقي. وبعد المحاضرة ، انتقل الحضور في جولة بالمعرض الدائم لشادي عبد السلام بمرافقة مرشد متخصص لالقاء الضوء على المعروضات و بيان جوانبها الفنية المتعلقة  بأهداف الندوة.

الندوة الثانية

أما الندوة الثانية ، فقد عقدت في " القاعة الشرقية " بالجامعة الأمريكية وسط القاهرة في الثاني والعشرين من أبريل لعام 2010، وتناولت التأثيرات المتبادلة بين الأدب والعمارة في اطار أعمال نجيب محفوظ – الحاصل على جائزة نوبل للآداب.

بدأت أعمال الندوة بمحاضرة الأستاذ محمد سلماوي، وهو رئيس اتحاد كتاب مصر ، والأمين العام للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، ورئيس تحرير جريدة الأهرام أبدو. والأهم من ذلك كونه الممثل الشخصي لنجيب محفوظ لدى تسلم جائزة نوبل من الأكاديمية الملكية السويدية في عام 1988 . علاوة على ذلك ، فقد كان سلماوي على اتصال وثيق مع السيد محفوظ في سنواته الأخيرة، وخاصة بعد التبعات الصحية التي ألمت به في أعقاب الهجوم الغادر عام 1994. حيث اختاره محفوظ لمناقشة أفكاره وكتابتها نيابة عنه وفقا للإطار الذي يتفقان عليه، ونظرا لهذه العلاقة الفكرية الفريدة، فقد كان سلماوي أنسب من يعرف الجمهور بالتفاصيل المنشورة وغير المنشورة حول الجائزة وإجراءاتها ومعاييرها، فضلا عن طريقة نجيب محفوظ في التعامل معها. وأعقب ذلك محاضرة للدكتور محمد عبد المطلب، أستاذ النقد والأدب العربي ورئيس تحرير دوريات أدبية عديدة والذي تخصص في أعمال نجيب محفوظ. قدم الدكتور عبد المطلب تحليلا عميقا لتطور أعمال محفوظ وعلاقتها بالبيئة المبنية المحيطة . وعلى الرغم من طبيعة الموضوع المركبة، فقد تمكن الأستاذ صاحب الخبرة من طرح المحاضرة بطريقة بسيطة استحوذت على وجدان الحضور ولاقت استحسانهم رغم تباين مشاربهم الدراسية والمهنية، ثم دعى الضيوف الى المعرض الملحق. والذي حوى نخبة منتقاة من أعمال نجيب محفوظ ، الى جانب لوحات فنية وصور فوتوغرافية للبيئة التي ألهمت ابداعاته. وكان الهدف من المعرض في المقام الأول خلق آلية دعم متبادل مع المادة العلمية للمحاضرات ، بحيث تتمم المعروضات البصرية تخيل النواحي الموصوفة بالمحاضرات، بينما تمكن المحاضرات الجمهور من فهم وتذوق ما بها من معان مكنونة وجماليات دفينة. ومن ناحية أخرى، فقد أسهمت الأحاديث التي أجراها ممثل مفوضية الإتحاد الأوروبي – السيد / أليهاندرو راميلو رودريجيز على هامش الندوة في تعريف الجمهور بالمزيد عن تفاصيل برامج المفوضية، كامتداد مباشر لأهداف الندوة والمشروع وقد استوعب القاعة التاريخية حوالي 300 من الحضور ، شغلوا جميع المقاعد والممرات بل وافترشوا ما أتيح من مساحات الأرضية ، في حين لم يتمكن آخرون من الحصول على أي مكان في القاعة كاملة العدد، فاكتفوا بالتجول في المعرض وتأمل محتوياته الثرية. كان هذا النجاح مدعاة لسرور وفخر كل أعضاء الفريق لما حققته رسالتهم من سعة انتشار باهرة.

الندوة الثالثة

كانت الندوة الثالثة حول جائزة الآغا خان للعمارة والتي تستضيف مقرها الدائم مدينة جنيف السويسرية. جرت وقائع الندوة في الخامس عشر من شهر مايو 2010 ، بأكناف مشروع حازت مبانيه نفس الجائزة من قبل – وهو مشروع مكتبة الاسكندرية. بدأت الندوة بمحاضرة للدكتور اسماعيل سراج الدين ، مدير المكتبة، والعضو السابق في اللجنة التوجيهية للجائزة ، والرئيس والعضو السابق بلجنة تحكيمها. ومن ثم ألقى المحاضرة التالية لها أستاذ العمارة والترميم المصري البارز الدكتور صالح لمعي، الحاصل على جائزة الآغا خان عام 1989 لترميم المسجد العمري الكبير في صيدا ، وعام 2004 كاستشاري لمشروع دار أيتام بالقدس . هذا وقد مثل مفوضية الإتحاد الأوروبي يومها السيد / أليهاندرو راميلو رودريجيز ، الذي وجه كلمة قصيرة للحضور أشار فيها الى دور المفوضية في دعم التعاون الثقافي مع مصر.

بدأ الدكتور سراج الدين محاضرته بتعريف الحضور الذي جاوز الـ 800 متابعا على تاريخ الجائزة وإجراءات الترشح لها ومعايير الحصول عليها. ومن ثم أشار الى عناصرها المختلفة، موضحا علاقتها بالإبداع من وجهة نظر لجان الجائزة  ومحكميها. وقد أسهمت الأمثلة التي عرضها الدكتور سراج الدين في بلورة الأبعاد الفلسفية المركبة والمتداخلة للجائزة. هنا بدأ الدكتور لمعي في طرح التجربة من النهاية الأخرى. مشيرا الى تجربته الشخصية في مشروع المسجد العمري الكبير الذي فاز بالجائزة، فأوضح بالتفصيل خلفيات المشروع بصعوباته التقنية وتعقيداته اللوجستية، مشيرا الى الجوانب المعمارية مع التأكيد على ايضاح التحديات الإجتماعية والسياسية التي واجهت مراح انجاز المشروع.

وبنهاية الندوة، تحرك الجمهور في مجموعات متتابعة للقيام بزيارة تعريفية لأرجاء المكتبة. كمثال حي لأحد المشروعات الفائزة بالجائزة، وقد دعم أهداف الزيارة دور المرشدين المتخصصين الذين صاحبوا كل مراحلها. ثم كانت خير نهاية لهذا اليوم الحافل زيارة المعرض الذي أعد خصيصا بالطابق السفلي من مركز المؤتمرات بالتوازي مع هذه الندوة الهامة. قدم هذا المعرض مجموعة كبيرة من المشاريع الحاصلة على جائزة الآغا خان للعمارة ، وتضمنت كل لوحة منها صورا ورسومات وتحليلات فنية لشرح الجوانب المميزة التي أهلت هذه المشاريع للفوز بالجائزة. وكانت هذه التجربة ممتازة، لا سيما في ضوء المحاضرات السابقة التي تناولت هذه الأفكار العميقة، مما أثار مناقشات ثرية أفضت الى فهم أعمق للأفكار المبدعة كما تراءت للمحاضرين والمصممين والمشاركين.

الندوة الرابعة

استهدفت الندوة الرابعة دراسة التأثيرات المتبادلة بين الفنون الجميلة والعمارة، بالإشارة الى الأعمال اللإبداعية للفنانين والمعماريين المعاصرين الذين ساهموا في اثراء هذا المجال.

واستنادا الى التجربة السابقة ، فقد تم تنظيم هذا الحدث في قاعة إيوارت بالجامعة الأمريكية التي تبلغ سعتها 1000 مشاهد ، حيث عقدت في السابع عشر من مايو 2010. في أعقاب كلمة مفوضية الإتحاد الأوروبي عن دعم التواصل بين الحضارات التي ألقاها ممثلها في ذلك اليوم السيد / أليهاندرو راميلو رودريجيز. بدأ فنان النحت والتصوير المتميز الدكتور أحمد نوار – صاحب العشرات من جوائز الإبداع والأوسمة المحلية والعالمية المحاضرة الأولى ، مسلطا الضوء على التأثير المتبادل بين العمارة والفنون في إطار الأعمال الفنية التي تأثرت بالعمارة، فضلا عن الأعمال المعمارية المستوحاة من الهام فني واع. وكان تأثير الفنون الجميلة على البيئة المبنية عنصرا لا ينفصل عن عرض الدكتور نوار، حيث أشار الى تأثير أعماله النحتية على النسيج العمراني المحيط بها في العديد من بلدان العالم. وفي أعقاب هذه المحاضرة الشيقة ، ارتقى المنصة المعماري الشهير والناقد المتميز أكرم المجدوب، الحاصل على جائزة الأسد الذهبي  من بينالي فينسيا عام 1995. ولعل تكوين فريق العمل من أهم ما يسترعي الإنتباه في تجربة المجدوب بفينسيا ، حيث ضم موسيقيا واثنين من فناني النحت والتصوير الى جانب دوره كمعماري . ولعل في هذا ما يدعم فهم طبيعة الإبداع كفكرة متعددة التخصصات كما ارتآها هذا المشروع.

وقد أتاحت التكنولوجيا الحديثة فرصة عرض اعداد كبيرة من الأعمال المتميزة لكل من الدكتور نوار والفنان المجدوب في معرض فني موازي، تجسدت فيه رؤية خاصة للعلاقة الوثيقة بين العمارة والفنون.

كلمة أخيرة

وفي النهاية ، تم صياغة النتائج الكاملة للمحاضرات والمعارض في اطار الفصول الثمانية المكونة لهذا الكتاب ، الذي تم ايداع نسخ عديدة منه في مكتبات كليات الآداب والسينما والفنون الجميلة والعمارة. وقد ألحق به فيلم وثائقي استكمالا لرسالته وتنويعا لوسائط  التواصل مع المهتمين ، وبالتالي امتداد النتائج الى نطاق أوسع من المتابعين. ومن أجل الوصول الى المزيد من الأوساط المهتمة في كافة أنحاء العالم، فقد تم نشر الأحداث والنتائج الكاملة التي حققها المشروع في موقع   www.dayrafoundation.com  على الشبكة الدولية المعلومات والذي تم تصميمه خصيصا لهذا الغرض.

هذا ومن المأمول أن يكون هذا المشروع  قد أسهم في فتح المزيد من الطرق لتبادل المعرفة والتفاعل بين الثقافات في مصر ودول الاتحاد الأوروبي ، من أجل الترويج لتفاهم أفضل. ومن المروج أيضا أن يكون قد أسهم في رفع مستوى الوعي حول أهمية الإبداع بوصفه ظاهرة شاملة متعددة التخصصات تحظى بتقدير مشترك ، لأجل التنمية الشخصية والإجتماعية في مصر وأوروبا والعالم أجمع.

bottom of page