top of page

د. سامي سراج الدين

هذا العمل

بداية نتوجه بالشكر العميق للمفوضية الأوروبية بمصر التي قامت بالمشاركة مع مؤسسة " دائرة الثقافة والفن" بتمويل هذا المشروع الثقافي الوطني الهام – مشروع " عصر القاهرة الجميل ، الأنساق المعمارية ؛ - والذي يهدف لرصد وتوثيق بعض الأنساق المعمارية والمجتمعية لتراث القاهرة البنائي ذي التأثيرات الأوروبية بمنطقة وسط البلد والذي يرجع لأواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين..

وقد تناول النشاط الثقافي المشاكل والسلبيات التي تهدد هذا التراث والرؤى المختلفة للتفاعل الإيجابي معه، وقد تم ذلك من خلال الطرح المدقق لمجموعة من الأنساق المعمارية والثقافية في النطاق الجغرافي المحدد ( القاهرة الخديوية) ومن خلال جلسات عمل على عدة مستويات ضمت جموع المعماريين سواء الأكاديميين أو الممارسين وكذلك كوكبة من المثقفين والمسئولين التنفيذيين وطلاب العمارة الذين كان القاسم المشترك بينهم جميعا هو الإهتمام بمستقبل قلب العاصمة الجميلة.

وقد تبين لنا من خلال رصدنا لأحداث النشاط الثقافي أنه طوال القرن التساع عشر ومطلع القرن العشرين كانت هناك رؤية مستقبلة للطبقة السياسية والفكرية المصرية لقيام دولة مصرية حديثة تماثل وتضارع أعظم الحواضر الأوربية في ذلك الزمان ، وكانت رغبة الخديوي اسماعيل في جعل مصر قطعة من أوربا – ولتكن القاهرة باريس الشرق – والغرب، وهو ما نأمل اليوم في تفعيله من خلال برامج ومشاريع الشراكة الأوربية – المصرية، ونرجو أن يكون هذا المشروع باكورة لتعاون مثمر للحفاظ على التراث الذي يمثل علاقة التقارب بين مصر وأوربا.

تم رصد وتوثيق واستقراء كافة وجهات النظر التي طرحت حول تعيين وتحليل الأنساق المعمارية و الثقافية  لمنطقة وسط البلد في صورها المادية واللامادية وكيفية الحفاظ على هذا الموروث الحضاري وقد تم طرح هذه الرؤى من خلال ورش العمل المختلفة أو من خلال أبحاث ودراسات قدمها بعض الباحثين والخبراء. ويهمنا أن نشير هنا الى أن تسجيل وتوثيق التجربة كان عبارة عن عملية مستمرة بدأت منذ اللحظة الأولى لبداية هذا النشاط الثقافي، وهي عملية ذات شقين ، شق التدوين للإطار النظري ونتاج قراءة وتحليل الأنساق وشق الرصد البصري للأنساق نفسها سواء من خلال الصور الفوتوغرافية أو التسجل المرئي الحي.

وقد توج هذا العمل بإصدار هذا الكتاب الذي بين أيدينا الآن بالإضافة الى اسطوانة الكترونية توثق التجربة منذ البدايات وحتى المنتج النهائي مرورا بجلسات وورش العمل مع المجموعة المستهدفة ورصد الأنساق ميدانيا وانتهاءا بإخراج العمل في صورته النهائية ، ويمكن اعتبار هذا العمل المتواضع لبنة في اطار تنشيط ثقافة وفكر الحفاظ على التراث المعماري والعمراني بالقاهرة التي تعتبر جزءا هاما من التراث العالمي الذي يجب الحفاظ عليه وحمايته من حملات التشويه العشوائي...

وتتمثل الأهمية الفعلية لهذا النشاط في تسليط الضوء على ضرورة الحفاظ على هذا التراث العمراني العالمي – الأوروبي الملمح المصري المنشأ – كأحد ثمرات ( التعاون الأوروبي – المصري ) على مر الأزمان ... وكدعوة للتعاون بين الطرفين في زمننا الحالي لإحياء عصر القاهرة الجميل...

أخيرا وليس آخرا فأنه لا يفوتنا أن نعبر عن خالص الشكر لكل من شارك وساهم في أي من أنشطة المشروع والذي يعتبر هذا الكتاب أحد ثمارها...

bottom of page